القريــــــــن:
قال تعالى: "وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتَّىٰ إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ * وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ * أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ * أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ" (سورة الزخرف: 36-42)، ومن هذه الآية يستدلّ على أنّ القرين شيء حقيقي وموجود في حياتنا اليومية، على الرغم من أنّ هناك الكثير من الناس الذين قد لا يؤمنون بهذه الأمور، فهذه الآيات تتحدّث عن القرين وملازمته للناس، وقدرته التي يتمتّع بها في التأثير على الناس في أمور مختلفة في حياتهم ومن ضمنها الوسوسة والتسلط عليهم.
لكل إنسان في هذه الحياة قرينه الذي يسعى دوماً لإبعاده عن عبادة الله تعالى وطاعته، ويمكن تعريف القرين بأنّه شيطان يلازم الإنسان في أمور حياته، كما أنّه من أقوى الأنواع في عالم الجن، بحيث يتّصف القرين بالعنادة والخباثة والمكر، وللقرين وظيفة رئيسية تتمثّل في اختبار الشخص أو المؤمن في طاعة الله وعبادته، فإذا سمع الأنسان لوسوسة هذا القرين وذلك بابتعاده عن طريق الإيمان، أصبح القرين ملازماً له، أما إذا عصى الإنسان أوامر قرينه وتجنّبها، فإنّ هذا يجعل الإنسان علياً على القرين، وفي هذه الحالة ليست لأوامر القرين أيّة تأثير على تصرّفات الإنسان، وسنقوم في هذا المقال بالحديث عن أهمّ الحقائق التي تتعلق بالقرين. ماهو القرين؟
هو الشّيء الّذي يلازم شيئاً آخر أينما كان.
هو شيءٌ يلازم الإنسان في حلّه وترحاله، وهو معلّقٌ به، وتكمن وظيفته الحقيقيّة بالإيحاء إلى الإنسان ولبسه.
يعدّ حديث النّفس من فعل القرين، فمن منّا لا تحدّثه نفسه.
وقال صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك: (فلا يأمرني إلّا بخير).
قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (ما منكم من أحدٍ إلّا وقد وُكّل به قرينه من الجنّ وقرينه من الملائكة!!، قالوا : وإيّاك يا رسول الله؟ قال: وإيّاي، ولكن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلّا بخير).
عرّف البعض القرين بأنّه شيطانٌ مسلّط على الإنسان بإذن الله عزّ وجل يأمره بالفحشاء، وينهاه عن المعروف، ودليل ذلك قوله تعالى: (الشّيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء). ولكن إذا منَّ الله تعالى على العبد بقلبٍ سليم صادق، فإنّه يقوّيه على قرينه، ومن ذلك قوله تعالى: (وإمّا ينزغنّك من الشّيطان نزغٌ فاستعذ بالله إنّه هو السّميع العليم). كلّ إنسانٍ له قرينٌ من الملائكة وقرينٌ من الشّياطين، ولكلٍّ منهما لمّة بالإنسان، وجاء ذلك في الحديث الصّحيح؛ حيث قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (فإذا هميت بطاعةٍ فتلك لمّة الملك ( القرين )، وإذا هممت بمعصيةٍ فهي من إيحاء الشّيطان ( القرين) وكلاهما بإذن الله).
عمل القرين من الشياطين
الوسوسة والشكّ والظنّ وتزيين الباطل للإنسان. التّعاون مع السّحرة وشياطينهم في حالة الحاجة إليه.
وذُكِر القرين في القرآن الكريم في عدّة مواضع، وبيّنت هذه المواضع أنّه يضرّ الإنسان، ويزيّن له المعاصي في أغلب الحالات، ومن ذلك:
قوله تعالى: (ومن يعشُ عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانا فهو له قرين) ( الزّخرف 36).
قوله تعالى: (قال قائلٌ منهم إنّي كان لي قرين) (الصّافات 51).
قوله تعالى: (حتّى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بُعد المشرقين فبئس القرين) (الزّخرف 38).
أعراض القرين المؤذي للإنسان
الشّعور بالحزن والضّيق في أغلب الأوقات، ويصاحب ذلك الهمّ والبكاء أحياناً.
عدم الشهيّة للطّعام.
قلّة الرّغبة في إنجاز الأمور.
قلّة النّوم، وكثرة الأحلام المزعجة.
ضعف التّركيز، والخمول، والصّداع، والإحباط، وتمنّي الموت، وانخفاض الوزن.
توقّف العادة الشهريّة عند المرأة، أو إصابتها بنزيف.
إصابة الرّجل بضعفٍ جنسيّ.
ويمكن التغلّب على هذا القرين المؤذي للإنسان عن طريق التحصّن وقراءة القرآن، والمحافظة على أذكار الصّباح والمساء، وقراءة سورة البقرة كلّ ثلاثة أيّام مرّةً؛ فهي طاردة للشرّ وللسحر.
حقائق عن القرين
إنّ القرين من المخلوقات التي لا تحرق ولا تموت، وذلك لأنّها مقرونة بالإنسان في حياته، وليس بإمكان أي أحد في الدنيا مهما كانت قدرته في حرق الجن أن يتعامل مع هذه المخلوقات، إلّا في حالة إعطاء الله تعالى هذه الهبة للإنسان، وحتّى في هذه الحالة أيضاً لن يستطيع الإنسان قتل القرين أو حرقه بشكل نهائي، إنّما يتمّ تعذيبه وضربه في بعض الحالات حتّى يتمّ التخلّص منه.
القرين مخلوق عنيد وماكر، وعادةً ما يتطلب إخراجه من جسد الإنسان جهداً ووقتاً طويلاً، وقد يلجأ لانتحال شخصيّات ومسميات أخرى في حال تم علاجه من قبل شيوخ مختصين في الشريعة، وهنا يجب أن يكون الشيخ ذو دور قوي ومهارة كبيرة في اكتشاف هذه النوعية والتحقق منها، حيث أن القرين يشبه الإنسان العادي في صوته وتصرفاته ونبراته ولكن هناك بعض العلامات الغريبة التي يميّز منها.
قد يسيطر القرين على الإنسان بشكل كلي وكامل، وقد يدفع الإنسان في بعض الحالات إلى القيام بأفعال وهو غائب عن الوعي، وفي حالات أخرى يسيطر القرين على الإنسان بشكل جزئي أو غير كلي، بحيث يكون الإنسان مدركاً للأمور التي تجري حوله.
من الممكن أن يظهر القرين للإنسان في أشكال مختلفة ومتعددّة، والتي من أهمّها: الكلب الأسود، والعبد الأسود، والقطّ الأسود، والثعبان، و البقرة، ويكون هدفه من هذا التشكل إخافة الأنسان وترهيبه.
إنّ لكل إنسان قرينه من الملائكة وقرينه من الشياطين، إلا أن المؤمن بطاعة الله ورسوله والذي يستقيم على دين الله يقهر شيطانه ويذله، أما الإنسان الذي يعصي أوامرالله، فإن قرينه يقوى على مساعدته على الباطل، وعلى تشجيعه على فعل المعاصي والذنوب، لذا يجب على المؤمن أن يتقي الله، وأن يحرص على عصيان أوامر ووسوسوة شيطانه، وذلك بطاعة الله ورسوله، وبالاستعاذة بالله من الشيطان، مع الحرص على طاعة الله ورسوله.
معلومات عن القرين
قرين الإنسان، هو الذي يمنعه من عمل الخير، ويزين له عمل الشر، ويبقى موكلاً به من ساعة الولادة إلى الموت، ولا يفارقه أبداً.
القرين من الجن الكافر، الذي لا يؤمن بالله سبحانه وتعالى.
يتميز بقدرات خاصة، لا يستطيعها أحد، كسرعة الحركة، لكنهم لا يضرون الإنسان إلا بأمر الله تعالى. ليس له سلطان على الأولياء، والأنبياء، وعباد الله الصالحين.
لا أحد يعلم كيف هي هيئته التي خُلق عليها إلا الله تعالى.
إنكار وجود القرين يستوجب الإثم، لإن إنكاره يعني إنكار ما جاء في الكتاب والسنة.
يستطيع الإنسان التخلص من وسوسة القرين، بالتمسك بكتاب الله تعالى، وبالسنة النبوية المطهرة، وإخلاص النية لله تعالى، وحسن التوكل عليه، والاستعاذة من الوسوسة في كل وقت، والإكثار من قراءة آيات القرآن الكريم، وخصوصاً آية الكرسي، وخاتمة سورة البقرة، وأداء الصلاة في وقتها، خصوصاً صلاة الجماعة، والأذان للصلاة، وعدم ترك صلاة قيام الليل، وتجنب الأماكن التي يكثر فيها تواجد الشياطين قدر الإمكان، مثل مجالس اللهو والغناء، والأسواق.
القرين ليس مقصوراً على الرجال دون النساء، فالرجل له قرين، والمرأة لها قرين.
لا يُحرق أبداً، ولا يموت، لكن يمكن تعذيبه من قبل بعض الأولياء الذين يقرؤون آيات من القرآن.
يتميز القرين بأنه ماكرٌ جداً وعنيد، يأتي للإنسان في صلاته، ويجعله لا يشعر بالخشوع. الوظيفة الأساسية للقرين، هي ابتلاء العبد، واختبار قوة إيمانه، إن كان يستجيب للوسوسة أم لا. يستطيع اختراق الحجب، ويسترق الأوامر. قد يظهر في الأحلام والمنامات بأشكالٍ كثيرةٍ، مثل العبد الأسود، والكلب، والقط الأسود، والبقرة، والثعبان، والجاموسة. يستطيع السيطرة على العقل البشري، والذاكرة، والأعصاب.
قد يسبب الكثير من المشاكل بين الزوج وزوجته، وبين الأصدقاء، وبين الأب وابنه، وبين جميع أفراد الأسرة.
كلما زادت قوة إيمان العبد، وزادت مجالسته لأهل الخير والصلاح، ضعف كيد القرين، ولم يكن له عليه سبيل.
الابتساماتEmoticon